القطة الضّالة ما زالت تموء قرب الباب بصوت يشبه بكاء الأطفال،
مستعدة للتزاوج في أي لحظة مع أي قط أخر متشرد يظهر فجأة ،
أمام هذا الجو الشاعِري الرهيب وضعت قبعة سوداء على رأسي بشكل مائل، مثل ما يفعله رعاة البقر في صحاري أريزونا ،
إني أرتدي معطفي الدافئ المصنوع من جلد الدببة،
أحس بطاقة ودفئ الأجداد كلما وضعته فوق كتفاي النحيفتين مع ربطة عنق قُرنفلية اللون متناسقة مع سروال الجِينْزْ ،
في جيبي علبة أعواد ثقاب وعلبة سجائر شقراء من نوع "فُوكْس" ومنديل صغير مطروز في وسطه خلاخل بربرية باللون الأخضر الفاتح ،
لَويت كشكول صوفي من صنع فرنسي على عنقي عدة مرات، كما تلتوي الكوبرا على سنجاب البيداء بقوة لتخنقها قبل أن تبتلعها دون مدغها ،
وضعت ساعة مشلولة بماء الذهب على يدي اليسرى،
أراقب عقارب الساعة السامة بحذر الزمن ،كجنرال مستعد في أي لحظة لانقلاب عسكري مفاجئ بعد الفجر ،
مزاجي جيّد اليوم، إنني مستعد لخوض المزيد من الأشواط لملاكمة الهواء دون تعب،
وضعت نظارات حادة و عطر شتائي قوي فوق معطفي، بعض الرشات منه كافية لجدب بنات الجيران الحسناوات والأمهات العازبات ،
حذائي الأبيض أصبح لامع بما فيه الكفاية وناصع كقرص الشمس وقت الظهيرة،
نظرت في المرآة تأملت عيناي إنهما تبرقان كعين ذئب خارج الغابة، ها أنا آبتسم كمصارع ثيران منتصر بثقة زائدة،
يبدوا أن وجهي لم يعد شاحب كما كان سابقا كالأشباح المشنوقة فوق أشجار الكليبتوس ،
لقد بدأت أتعرف على ملامح وجهي بوضوح تام،
منذ أن أقلعت عن التدخين والإفراط في احتساء القهوة وسهر الليالي الحمراء ...
هذه الأناقة كلها لا يتحملها سوى بهاء وعظمة هذا المساء الهادئ كصمت القبور، إنني راحل الأن بعد أن أصبحت مستعد وأنيق عبر مسراب طويل ، إنني ذاهب الأن .....
.