في قلبك مقعد واحد .. فأغمض عينيك .. وتساءل بصدق .. من يجلس فوق ذلك المقعد
(1)
هل تدرك ماذا يعني أن يكون في القلب مقعد واحد ؟
وما أهمية ذلك المقعد في حياة امرأة وحيدة ؟
وماذا يعني أن تمر قوافل الأحلام ويمر القادمون والراحلون ويبقى ذلك المقعد محجوز لرجل واحد دون سواه ؟
(2)
كنت يا سيدي الطالب الوحيد في مدرسة القلب تجلس فوق ذلك المقعد الوحيد
وكنت أشرح لك درس إحساسي بدقة متناهية وكنت بيني وبين نفسي أتمنى أن لا يدق جرس الحصة الأخيرة أبداً .. أبداً
(3)
نعم كان في الصف يا سيدي طالب واحد كنت أشرح له الدرس بشكل خاطئ كنت أتمنى أن لا يصل الى الإجابة الصحيحة
كنت لا أريده أن ينجح كي لا ينتقل إلى الفصل الآخر كي لا يغادرني كي لا يبقي المقعد أمامي خالياً
(4)
لكن الطالب الوحيد ذلك الجالس فوق مقعد القلب كان أذكى من الرسوب كان أذكى من إعادة السنة بي
كان أجمل من أن يبقى بلا رحيل كان أروع من أن يطيل البقاء أمام عيني كان أغلى من أن لا يتلاشى وينتهي كالحلم
(5)
ولأن الوقت كالسيف ولأن سيف الحلم كان أضعف من الصمود ولأن الأماني كانت أنقى من فقاعات الماء
ولأن عمر الفرح كان أقصر من طرفة العين ولأني كنت أخشى أن تتلاشى وتغيب فيغمض عين فقد كنت أبقى أمامك مذهولة العين
أثرثر بك بيني وبين نفسي وأستذكرك وأراجعك كدروسي المدرسية وأحفظ تفاصيلك الجميلة
(6)
وكنت في كل يوم ألقنك درساً في الحب وآخر في الوفاء وثالثاً في الشوق ورابعاً في الحنين
وأعلمك كيف تكتبني فوق ورقة الإملاء وكيف تحفظني عن ظهر قلب وكيف كيف أغيب..تغيب أنت
(7)
وكان أشد مايرعبني هو أن يفاجئني جرس الحصة الأخيرة معلناً انتهاء حلمي معك وبك فكنت أتحايل على الوقت
أتحايل على الساعات على الدقائق وكم تمنيت أن ينساني الوقت معك فلا يدق جرس ولا يطرق ناقوس
لكن الجرس دق أيقظ الإحساس وأزعج الأمنية وفتح عين الحلم وانتهت الحصة الأخيرة وتوقف الدرس احبتك بصدق وجنون
وانتقلت منها إلى مرحلة لا تحتويني وبقي ذلك المقعد خالياً وربما باكياً